يقوم الأطفال بمقاطعة الكبار أثناء الحديث أو الانشغال بالعمل لأنهم ينسون أن للناس احتياجات هامة كحاجاتهم الخاصة، ورغم إدراك الطفل وجوب الانتظار قليلا ليقول عذرا أو لو سمحت إلا أن هذا البروتوكول يغيب عن ذاكرته لأنه يحس بأن ما يرغب بقوله في تلك اللحظة مهم وطارئ إلى ابعد حد
من الضروري رسم حدود معينة لذلك، فعدم قبول مقاطعة الطفل حتى يقول لو سمحت هي إحدى الطرق المناسبة، إلا أن التصلب في مواجهة الطفل يمكن أن يتسبب بالجمود للطفل والأم، وبدلا من ذلك، يمكن الاستجابة على الدوام بملاحظات تذكيرية لطيفة، وامتداح الطفل عندما يتذكر ما يجب عليه أن يفعله، فهنا تبدو المثابرة والصبر أولويات ضرورية لتدريب الطفل على مهارات التواصل.
وعند الشروع في حملة لتعليم الطفل عدم المقاطعة، يجب تحديد أهداف معقولة له، فالطفل في عمر 6-7 سنوات، لا يستطيع أن يحتفظ بأفكاره لأكثر من بضع دقائق. ويمكن الاتفاق على تصميم إشارة معينة مثلا عند وضع اليد على الرأس لتعني أنا بحاجة إليك، ورفع إصبعين تعني سأكون معك خلال دقيقتين، ويجب أن يتم البدء بفترة زمنية قصيرة لتزيد فترة الانتظار تدريجيا، ويجب استخدام هذه الإشارات بشكل مستمر قدر المستطاع، وتذكير الطفل بالقوانين عندما ينسى بعضها أو يتخلى عن الالتزام بها، وامتداحه عندما يتذكر ذلك. فالتعزيز الايجابي مهم بنفس أهمية التعزيز السلبي، فعندما يبدأ الطفل بالقفز والصراخ، فالأولى أن يتم التحدث معه حول الانتظار، أما إذا استطاع الحفاظ على صبره وهدوئه وانتظر حتى مرور الوقت المتفق عليه في الإشارة، فانه يستحق الشكر والتقدير لهذا الانتظار المهذب.
ويمكن أن يستفيد الأطفال من فن المحادثة الجماعية، فيمكن أن يتم تبادل محادثة جماعية أثناء وجبات الطعام، فيمكن الطلب إلى احد الأبناء أن يتحدث بدون مقاطعة عن شيء جيد أو سيء حصل معه خلال يومه، وإذا بدأ احد الأطفال بالمقاطعة يتم لفت نظره بلطف إلى أن ذلك غير مقبول ، مثلا أخوك كان يتكلم حبيبي، دعه يكمل قصته، وسوف يأتي دورك ثم يتم التوجه إلى الطفل الذي تمت مقاطعته ويطلب منه استكمال حديثه، وقد يكون القيام بدور الوسيط متعبا قبل أن يتعلم الأطفال أن المحادثة فن اخذ وعطاء إلا أن إجراء مثل هذا التمرين مرة في الأسبوع أو ما شابه سيمنح الأطفال تمرينا قيما لكيفية إدارة الحديث والحوار داخل البيت.
كيف تشرح للطفل أنك مستغرق في عمل ما تحتاج إلى إكماله؟ تعليم الطفل احترام أعمال الآخرين مهم بنفس أهمية تعليمهم احترام محادثات الآخرين، وهذا يحتم علينا إيجاد قواعد وحدود واضحة بشكل مهذب وثابت، كالقول مثلا: أنا مشغولة بإعداد الغداء الآن، وسأساعدك في تجهيز لعبتك عندما انتهي من عملي ومن المناسب أيضا تحديد وقت احتاج لمدة 15 دقيقة لأنهي كتابة هذه الرسالة على الكمبيوتر، وبعدها سأساعدك في عمل واجب الرياضيات ولا يجب أن يشعر الطفل بأنه يحتاج إلى زمن لا محدود قبل ان تكون الأم قادرة على مساعدته
.
ويجد الأطفال سهولة في الانتظار عندما يفهمون ويقتنعون بسبب الانتظار، بشرح مختصر كالقول يجب أن أضع الطعام في الفرن أولا، وعندما انتهي سأقوم بتسريح شعرك وعلى الأهل عدم التحسس والتزمت عندما يقاطعهم أطفالهم، فهو يفعل ذلك لشعوره بأن ما يريده ملح وطارئ، حتى ولو لم يكن كذلك، وعلى الأهل تقدير الوضع العاطفي للطفل قبل القيام برد الفعل السلبي، فربما كان الطفل في حالة ضيق شديد لأنه فشل في امر ما، وكان يحاول أن يفعل شيئا لوحده دون جدوى، فيجب التعاطف معه وتقديم المساعدة، كالقول اعلم انه من المحبط محاولة عمل شيء عدة مرات دون نتيجة، لماذا لا تأخذ استراحة واحضر لنا عصيرا وبعدها يمكن أن نعمل على انجاز هذا العمل معا
.
ومع نمو الطفل يصبح أكثر إدراكا للأوضاع التي تستدعي مقاطعة العمل أو الحديث. فمثلا يمكن أن يسمح للطفل بالمقاطعة عندما يكون لديه أخبار مهمة (جيدة أو سيئة) أو يحتاج لمساعدة فورية. وفيما عدا ذلك؛ يجب أن يقول بتهذيب وهدوء انه يريد الكلام ويسأل كم تحتاج الأم من الوقت للاستجابة لطلبه ثم يقوم الطفل بممارسة أي نشاط في مكان آخر ولا يستمر في الدوران حولها للفترة التي حددتها للاستجابة لطلبه