بسم الله الرحمن الرحيم
انّ ابليس وأعوانه وجنوده من شياطين الجن ليسوا وحدهم المسخرين لاغواء البشر وجرّهم الى الفساد والافساد , وترغيبهم بفعل شتى أنواع الرذائل والخطايا والموبقات وتزيينها في أعينهم, بل يستعين بجنوده وأعوانه من شياطين الانس على اختلاف انواعهم.
وهناك وسواس شيطاني قهري فوق ارادة الانسان , ولا يأتي الانسان الا عند آداءه للطاعة سواءً كانت صلاة او صيام أو وضوء أو طهارة أو غسل, وما يُعرض للمسلم في وضوءه وصلاته
فلا يدري كم توضأ ولا كم صلى : فمصدره من الشيطان ، فإن استعاذ بالله من الشيطان كفاه الله إياه ، وإن استسلم له واستجاب لأوامره تحكَّم فيه الشيطان ، وتحول من وسوسة عارضة إلى مرضٍ مهلك ، وهو ما يسمى الوسواس القهري.
وهو علة مرضية تصيب بعض الناس كما تصيبهم أية أمراض أخرى ، وهي أفكار أو حركات أو خواطر أو نزعات متكررة ذات طابع بغيض يرفضها الفرد عادة ويسعى في مقاومتها ، كما يدرك أيضاً بأنها خاطئة ولا معنى لها ، لكن هناك ما يدفعه إليها دفعاً ، ويفشل في أغلب الأحيان في مقاومتها ، وتختلف شدة هذه الوساوس حتى إنها لتبدو – لغير المتخصصين – عند زيادة شدتها وكأن المريض مقتنع بها تماماً ، ويعتري هذا النوع من الوساوس الإنسان أيضاً في عباداته وكذلك في شؤون حياته الدنيوية .
وفيما يتعلق بالوضوء يشعر أنه لم يغسل العضو بشكل صحيح بعد قضاء الحاجة, أو يشك أن ملابسه أصابها شيء من البلل وأن هناك شيء من النجاسة قد أصاب ثيابه. وعندما يتوضأ، يشعر أنه لم يغسل أعضاء الوضوء بشكل صحيح. ويحاول تجاهل هذه الوساوس، لكنه يخاف إن تجاهلها وكان مخطئا ، فإن صلاته سوف لن تقبل. وقد يصل به الحال إلى أن الصلاة الواحدة قد تستغرق منه الساعة تقريبا أو أكثر من ذلك، وأصبح يؤدي الصلاة وكأنها مجرد شعيرة عادية لا خشوع فيها بسبب تلك الوساوس. وعندما ينتهي من تأدية إحدى الصلوات، يبدأ في التخوف من كيفية إنهائه للصلاة التي تليها.
المهم في مشاكل من هذا النوع ألا يشعر أحدنا بعقدة الذنب والعقوبة, والوسواس في عدد ركعات يبني على أنه صلى الأقل ويكمل صلاته ثم قبل السلام يسجد سجدتين السهو, وبخصوص شكه في العضو ان كان قد غسله أم لا أن يعتبر أنه غسلهو وهكذا يكون الحل في كل مشكلة وسواسية تعترض أحدنا يتغلب على الشيطان ووساوسه القهرية
وسأورد بعض الأحاديث النبوية الشريفة والتي تبين مدى حرص الشيطان على إغواء بني آدم ، وصدهم عن عبادة ربهم ، وذلك عن طريق الوساوس التي يلقيها في صدورهم . وبينت طريق النجاة من هذه الوساوس الشيطانية . وقد يصل الحال ببعض الناس أنه يشك في كل عبادة يقوم بها ، هل فعلها أم لا ؟ وما يبعث في النفس الطما،ينة من هذه الوساوس , انّ المبتلى بها يثاب عليها, هذا ما ذكره كل من الآئمة ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله
روى الامام مسلم رحمه الله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ . فقال صلى الله عليه وسلم : وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ:ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ .
وقد بيّن شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بأنّ معنى عبارة صريح الإيمان أي كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد , والصريح الخالص كاللبن الصريح وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها فخلص الإيمان فصار صريحا, وهذه الوسوسة هي مما يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان فإذا كرهه العبد و نفاه كانت كراهته صريح الإيمان , وقال كثير من العلماء : فكراهة ذلك وبغضه وفرار القلب منه هو صريح الإيمان والحمد لله الذي كان غاية كيد الشيطان الوسوسة ، فإن شيطان الجن إذا غُلِبَ وسوس ، وشيطان الإنس إذا غُلِبَ كَذَبَ . والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره لابد له من ذلك فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ولا يضجر فانه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا وهذا الوسواس يزول بالاستعاذة وانتهاء العبد وأن يقول إذا قال لم تغسل وجهك : بلى قد غسلت وجهي . وإذا خطر له أنه لم ينو ولم يكبر يقول بقلبه : بلى قد نويت وكبرت . فيثبت على الحق ويدفع ما يعارضه من الوسواس ، فيرى الشيطان قوته وثباته على الحق فيندفع عنه ، وإلا فمتى رآه قابلا للشكوك والشبهات مستجيبا إلى الوساوس والخطرات أورد عليه من ذلك ما يعجز عن دفعه وصار قلبه موردا لما توحيه شياطين الإنس والجن من زخرف القول وانتقل من ذلك إلى غيره إلى أن يسوقه الشيطان إلى الهلكة اهـوعلى هذا يمكن أن يقال : يثاب المرء على إعراضه عن هذه الوساوس ومجاهدته للشيطان لأمور عدة منها
أولا- مدح النبي صلى الله عليه وسلم كراهة هذه الوسوسة المتعلقة بالتشكيك في العقيدة بقوله : ذاك صريح الإيمان
ثانيا: . ومن لوازم كراهة هذه الوسوسة الإعراض عنا ، وعدم الاسترسال معها
ثالثا: - امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلمب قوله: ولينته .
رابعا- قوله صلى الله عليه وسلم في سجدتي السهو : كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ ففيه الحث على ترغيم الشيطان وإذلاله ، وترغيمه هنا إنما هو بالإعراض عن هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها مع ما أرشد الله ورسوله إليه من الاستعاذة بالله من الشيطان وغير ذلك
خامسا- ما يصيب المؤمن من ضيقٍ وهمٍّ من هذه الوساوس قد يدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم : مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ.
وروى الامام مسلم رحمه الله أَنَّ ععثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ! انّ الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها عليّ, فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ ، وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاثًا . قَالَ : فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي.
ومن أساليب الشيطان في الإضلال إلقاء الشكوك والوساوس في قلوب العباد وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض ما يلقيه فقد جاء في الحديث الذي رواه الامام البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه, قال صلى الله عليه وسلم:
يأتِي الشَطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ : مَنْ خَلَقَ كَذَا ؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا ؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ.
فأرشد صلى الله عليه وسلم هنا إلى أمرين هامين: أولهما: اللجوء الى الله عزوجل والاعتصام بحبله المتين وهو القرآن الكريم , وان نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم امتثالا لقوله تعالى في نهاية سورة اللاعراف
وامَّا يَنزغنَّكَ مِنَ الشيطانِ نَزْغٌ فاستعذْ بالله , انه سميعٌ عليمٌ
وثانيهما: الانتهاء والإعراض عن هذا الأمر والاشتغال بغيره من الأمور النافعة.
وعنهما رحمهما الله من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا نُودِيَ بِالصَّلاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لا يَسْمَعَ الأَذَانَ فَإِذَا قُضِيَ الأَذَانُ أَقْبَلَ ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ : اذْكُرْ كَذَا وَكَذَا مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لا يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى ثَلاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ .
وروى الامام مسلم رحمه الله من حديث أَبِي سَعِيدٍ الخدرِي رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّىثَلاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ, فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلاتَهُ, وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ .
وعلينا أن ندرك جيدا أنّ الشيطان لا يوسوس الا لأهل الايمان, اما الكافر فلا يوسوس الشيطان له لكثرة مداخله اليه يأتيه منها من حيث يشاء دون أن يجد مقاومة أو موانع, فيتلاعب به الشيطان كما يشاء, والاعتقاد الذي لا شك فيه ولا ريب أن الكون كله علويه وسفليه مدبرّ ومربوب لله سبحانه لايملك أحد فيه شيئاً ، لقوله تعالى في سورة سبأ 22- 23
قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرةفي السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن آذن له
فلنكن متأهبين على الدوام لهذا العدو الشرس الماكر والحريص كل الحرص على الإضلال والتشكيك , وبقدر استعانتك بالله وعلمك بعدوك واستعدادك له , تنتصر عليه باذن الله, وطالما أنك عرفت عدوك الحقيقي فقيده وسلسله بالأسلحة الفتاكة التاليةالتي وباذن الله عزوجل سوف تعينك على دفع هذه الوساوس ونسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعيذنا من همزات الشياطين ونزغاتهم ووساوسهم والحمد لله رب العالمين .
وأولها: الالتزام بالكتاب والسنة ايمانا واحتسابا وقولا وعملا, والاعتصام بحبل الله المتين كتاب الله الكريم, وتجنب مسالك الشيطان ما أمكنك الى ذلك سبيلا عملا بقوله تعالى: واتقوا الله ما استطعتم.
وتذكر دوما أنّ من ترك شيئا من الإسلام فقد اتبع بعض خطوات الشيطان, وانّ كثرة السجود لله تعالى تثبط عمل الشيطان وتغيظه , كما في الحديث الذي رواه الامام مسلم رحمه الله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: :إذا قرأ ابن أدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكييقول يا ويلتي أمر ابن أدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار.
ثانيها : المداومة على الاستعاذة بالله من جميع الشرور والالتجاء إليه سبحانه وتعالى ، وقد نبه الشرع على مزيد العناية بالاستعاذة بالله تعالى في مواضع وأحوال معينة أهمها : عند قراءة القرآن, وعند دخول الخلاء وعند الغضب, وعند الجماع, وعند نزول المكان, وعند سماع نهيق الحمار, وبعد تكبيرة الاحرام للصلاة وقبل الشروع بالاستفتاح, ولكلّ منها دعاء مخصوص كما جاء في الهدي النبي الشريف.
فعند قراءة القرآن نقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
وعند دخول الخلاء نقول: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.
وعند الغضب وسماع نهيق الحمار نقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وعند الجماع نقول: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا
وعند نزول المكان نقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق .زبعد تكبيرة الاحرام للصلاة نقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه .
وخير ما تعوّذ به المتعوذون سورتي الفق والناس لحديث رواه الامام مسلم رحمه الله عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ألم تر آيات أنزلت عليّ الليلة لم ير مثلهن قط : قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس .
ثالثها: المداومة على ذكر الله عزوجل, والاشتغال به ما امكننا الى ذلك سبيلا, فالذكر أعظم ما ينجي العبد من وساوس الشيطان, وفي الحديث: أن الله تعالى أمر يحيى عليه الصلاة والسلام أن يأمر بني إسرائيل بخمس خصال منها: وآمركم أن تذكروا الله تعالى ، فإن مثل ذلك مثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً حتى إذا أتى إلى حصن حصين فأحرز نفسه منهم ، كذلك العبد لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر
رابعها: لزوم جماعة المسلمين بأن يعيش الإنسان في ديار الإسلام ويختار لنفسه الفئة الصالحة التي تعينه على الخير, لما رواه الامام الترمذي رحمه الله, قال صلى الله عليه وسلم : من أراد منكم بحبوحة الجنة فليلزم جماعةالمسلمين فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد.
خامسها: مخالفة الشيطان في كل أحوالك ووسوساته, كما جاء في صحيح الجامع في الحديث الذي رواه أبو نعيم رحمه الله باسناد صحيح : فإنه يأتي في صورة ناصح فالواجب مخالفته فإنه لو كان ناصحاً لنصح نفسه فقد أوقع نفسه في النار ، فإذا جاءك وأنت تصلي فقال لك أنت مُراءٍ , فزدها طولاً , وإذا قال لك: أحدثت , فقل كذبت , وإذا قال لك الموتى يسمعون وينفعون أو يضرون, فقل له كذبت , وإذا أكلت فخالفه فكل بيمينك وأشرب بها وخذ بها بل حتى في القيلولة كما في الحديث قيلوا فإن الشياطين لا تقيل .
بل حتى في اللقمة التي تقع في الأرض , روى الامام مسلم رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :فليأخذها ولا يدعها للشيطان .
سادسها: المداومة على التوبة ولزوم الاستغفار, لما رواه الامام أحمد رحمه الله في مسنده صحيح الجامع وصححه الالباني رحمه الله: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الشيطان لرب العزة : وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهمفقال الرب: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني .
فحال الإنسان دائماً التوبة والإنابة إلى الله سبحانه ولهم أسوة في أبيهم أدم عليه الصلاة والسلام كما في قوله تعالى في سورة الاعراف 23 : ربناظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين .
ويجب أن لا يغيب عن بالنا أبداً بأنّ الهموم والغموم التي تصيبنا ما هي الا جملة ما يكفّر عنه بها من سيئاتنا ويخفف عنا من ذنوبنا ، فإذا صبرنا واحتسبنا أثابنا الله عزوجل على ذلك, ودواء هذه الأمراض باللجوء الى الأدعية المأثورة في الكتاب والسنة, فمن الكتاب الكريم نذكر على سبيل المثال لا الحصر: دعاء سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام قوله تعالى:لا اله الا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين .. وقوله تعالى: انا لله وانا اليه راجعون... وقوله تعالى: وأفوض أمري الى الله انّ الله بصير بالعباد.. وقوله تعالى: ربّ أعوذ بك من همزات الشياطين * وأعوذ بك ربّ أن يحضرون...وعلى مستوى السنة على سبيل المثال لا الحصر ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه حيث قال: أنه ما من مؤمن يصيبه همّ أو غمّ أو حزن فيقول : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض فيًّ حكمك عدلٌ فيَّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سمَّيت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علّمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ، ونور بصري ، وجلاء حزني ، وذهاب همِّي وغمِّي ، إلا فرَّج الله عنه.
ومنها الرقية الشرعية بأن يرقي الإنسان نفسه كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُرقي نفسه عند نومه بالمعوِّذات وينفث بيديه ، فيمسح بهما وجهه وما استطاع من جسده الشريفين . أو يذهب إلى من يوثق في دينه فيرقيه .
انّ الوسواس الذي يصيبنا نحن البشرليس كله على درجة واحدة , فالوسواس الذي يدعو
الإنسان لسماع المحرمات كالأغاني والموسيقى والغيبة والنميمة وما الى ذلك من المحرمات , او اقتراف الفواحش ما ظهر منها وما بطن, أو رؤيتها منبعها من ثلاثة مصادر: النفس الأمَّارة بالسوء ، وشياطين الانس ، وشياطين الجن ., ولعلّ شياطين الانس أشدُّ خطراً على الانسان من شياطين الجن كما ورد في الحديث الصحيح.
والنفس البشرية ثلاثة أنفس: النفس المطمئنة, والنفس الخبيثة, والنفس الأمارة بالسوء, النفس الأمارة في السوء قال عنها المولى تبارك وتعالى في سورة ق 16
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ .
وشياطين الانس هم الوسواس الخناس الذين أمرنا الله عزوجل أن نتعوذ منهم في سورة الناس
قل أعوذ بربّ الناس * ملك الناس * اله الناس * من شرِّ الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجِنَّةِ والناس.
وهذه الوساوس قد تكون من الجن , وقد تكون من بني آدم
وشياطين الجن , كابليس حين وسوس لآدم عليه الصلاة والسلام وأخرجه من الجنة كما في قوله تعالى في سورة طه 120: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلّكَ عَلَىَ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاّ يَبْلَىَ.
ان وسوسة الشيطان عادة تزول بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم, ووسوسة النفس
تحتاج الى جانب الاستعاذة الى تقوية الصلة بين العبد وربه, من خلال المداومة على فعل الطاعات باخلاص النية لله عزوجل بيعيدا عن الرياء, وترك المنكرات.
وأما الوسواس القهري فهو في أغلب أحواله حالة مرضية.
والفرق بين وسوسة النفس ووسوة الشيطان فنستطيع تلخيصها بايجاز بما يلي:
وسوسة الشيطان هي تزيين المعصية في نفس العبد حتى يقع فيها, فان تاب عنها انتقل به الى معصية أخرى, فان عصاه فيها انتقل به الى معصية ثالثة, وهكذا يبقى الشيطان يصارع الانسان في الوسوسة حتى يوقعه فيها حتى وان تمكن منه بترك نافلة, المهم عنده أن يعصي الانسان ربه عزوجل ولو بترك نافلة.
أما وسوسة النفس فهي التي تحث صاحبهاعلى معصية بعينها وتكررالنفس طلبها.
ورحم الله شيخ الاسلام ابن تيمية حيث قال في الفرق بين وسوسة النفس والشيطان:
ما كرهتْه نفسُك لنفسِك فهو من الشيطان فاستعذ بالله منه ، وما أحبَّته نفسُك لنفسِك فهو من نفسك فانْهَها عنه
أي أن النفس غالباً توسوس فيما يتعلق بالشهوات التي يرغب فيها الناس عادةً .
والشيء الذي يبعث في النفس الطمأنينة الى حد ما أننا لا نؤاخذ ان شاء الله تعالى على وساوس النفس والشيطان ، ما لم نتكلم أو نعمل بها, وهذا لا يعني أننا لسنا مأمورون بتجنها ودفعها عن أنفسنا؟ بل اذا استرسلنا بها قد نحاسب عليها, لذا كان وجوباً علينا محاولة دفعها ما أمكن حتى لا نسترسل بها فنقع فيها.
فقد أُمرنا بعدم الالتفات لوساوس الشياطين ، وأن يبني على الأقل في الصلاة عند الشك فيها ، وأُمر بالاستعاذة من الشيطان والنفث عن يساره ثلاثاً إذا عرضت له وساوس الشيطان في الصلاة ، وأُمر بمصاحبة الأخيار والابتعاد عن الأشرار من الناس ، فمن فرَّط في شيء من هذا فوقع في حبائل نفسه الأمارة بالسوء أو الاستجابة لشياطين الجن والإنس فهو مؤاخذ .
وأما الوسواس القهري : فلأنه حالة مرضية فأغلب رأي العلماء المبني على ما رواه كل من الامام بخاري ومسلم رحمهما الله في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ
اننا لا نؤاخذ عليه لخروجه عن ارادتنا, يقول الله عزوجل في سورة التغابن 16: فّاتَّقٍوا اللّهّ مّااسًتّطّعًتٍمً
ويقول عزوجل في سورة الطلاق 7: لا يٍكّلٌفٍ اللّهٍ نّفًسْا إلاَّ وسعها
وعلى من ابتلي بمثل هذا الوسواس أن يداوم على قراءة القرآن والأذكار الشرعية صباحا ومساء ، وعليه أن يُقوي إيمانه بالطاعات والبعد عن المنكرات ، كما عليه أن يشتغل بطلب العلم ، فإن الشيطان إن تمكَّن من العابد فلن يتمكَّن من العالم .
وقد يأتي الشيطان ويوسوس للمسلم أشياء منكرة في حق الله تعالى ، أو رسوله صلى الله عليه وسلم ، أو شريعته ، يكرهها المسلم ولا يرضاها ، فمدافعة هذه الوساوس وكراهيتها دليل على صحة الإيمان ، فينبغي أن يجاهد نفسه ، وألا يستجيب لداعي الشر .
وكما قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى في خواتيم سورة البقرة: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ
هو وإن حوسب وسُأل , لكن لا يعذب إلا بما يملك الشخصُ دفعَه ، فأما ما لا يملك دفعه من وسوسة النفس وحديثها : فهذا لا يكلَّف به الإنسان ، وكراهية الوسوسة السيئة من الإيمان
وقال فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في هذا الأمر ما يشفي الصدر فقال :
قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما أنه قال : إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم
وفيما رواه الامام مسلم رحمه الله ن الصحابة رضي الله عنهم حين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عما يخطر لهم من هذه الوساوس , فأجابهم صلى الله عليه وسلم بقوله : ذاك صريح الإيمان , وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله ورسله
وفي رواية أخرى في صحيح مسلم : فليستعذ بالله ولينته.
ومن العلماء والفقهاء من قال أن أصل ابليس من الملائكة, وهذا الاعتقاد ليس صحيحا بدليل قوله تعالى في سورة الكهف على أنّ ابليس كان من الجنّ , فتكبر على آدم عليه الصلاة والسلام , فخرج عن طاعة الله, اقرؤوا قوله تعالى في سورة الكهف 50- 52
وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأَدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦۤۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ ۥ وَذُرِّيَّتَهُ ۥۤ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِى وَهُمۡ لَكُمۡ عَدُوُّۢۚ بِئۡسَ لِلظَّـٰلِمِينَ بَدَلاً۬ * مَّآ أَشۡہَدتُّہُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِہِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّينَ عَضُدً۬ا * وَيَوۡمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَڪَآءِىَ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ فَدَعَوۡهُمۡ فَلَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُمۡ وَجَعَلۡنَا بَيۡنَہُم مَّوۡبِقً۬ا
ولعلّ هذه الآيات الكريمات تُبيِّنُ لنا حقيقة ابليس وجنوده وذريته وأعوانه الذين يساعدونه في مهمامه لغواية ابن آدم والوسوسه اليه بأن فعل كل ما يخالف أمر الله عزوجل , وهذا هو معنى تلبُسِ ابليس لابن آدم , أي يبعدُهُ عن طاعة الله عزوجل ما أمكنه الى ذلك سبيلا سواءً بمخالفة أمر الله عزوجل فيما أمرنا به في كتابه الكريم أو بما أوحى به الى نبيه صلى الله عليه وسلم, , أو البدع الضالة والمضلة والتي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم فقال نحوا من هذا: اياكم ومحدثات الأمور, فكلُّ مُحدثةٍ بدعةٍ, وكل بدعةٍ ضلالةٍ, وكلّ ضلالةٍ في النار, وما أكثرها البدع في زماننا هذا, حتى لنكاد نرتاب في أنفسنا وفيمن حولنا ان كنا نافقنا أم لا زلنا ننتهج نهج السلف الصالح في العبادة, ان كنا حدنا عنها أو شطحنا في البعد عنها, لما في مقالة حذيفة بن اليمان لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما حين سأله عمر رضي الله عنه: أسمّاني رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم؟ يقصد المنافقين الذين نزل فيهم سورة التوبة, فبكى حذيفة رضي الله عنه لقوله, ثمّ قال: لا لست منهم, ولا أُزكِّي بعدّك أحداً... قال هذه العبارة رضي الله عنه علماً بأنّ بعض العشرة المبشرين بالجنة وممّن رضي الله تعالى عنهم لا زالوا على قيد الحياة في ذلك الوقت, فان كان حذيفة رضي الله عنه لم يُزكِّي أحدا بعد عمر رضي الله عنه وقد كانوا ينتهجون النهج السليم الغض الذي نزل به جبريل الأمين على حبيبه محمد الصادق الأمين صلوات الله وسلامه عليهما, فما عسانا أن نقول عن أنفسنا اليوم وقد غرتنا الأماني؟ وقد ابتعدنا عن كتاب الله تبارك وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؟ وقد هجرنا المساجد فلم نعد ندخلها الا بالمناسبات؟ وقد قطعنا أرحامنا ولم نعد نعطف على اليتامى والمساكين؟ وقد عققنا آباءنا ومن لهم حقٌّ علينا؟ وقد بتنا نرى المنكر فلا ننهى عنه , ولم نعد نأمر بمعروفٍ خشية فقرٍ واملاقٍ؟ وقد نشزت عنا نساءنا وبناتنا ففقدنا السيطرة عليهم لأننا لم نأخذ بكلام الله عزوجل ولا بهدي نبيه صلى الله عليه وسلم بالتزام الحجاب؟ وقد خرج أبناؤنا وبناتنا عن طوعنا خاصةً في بلاد الغرب فتخلقوا بأخلاق اهل الكتاب ومن ولاهم؟ وقد فقدنا عنصر الللامبالاة فلم نعد نأبه ولا نهتم لأبناءنا ان كانوا يتكلمون العربية أم يقرؤونها؟ فانصبّ كل اهتمامنا الى نطقهم للغة الغرب بطلاقة وهم يعلمون أنذ الله سائلهم عن هذه الأمانة كما قوله تعالى: أحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم الينا لا ترجعون...وقوله تعالى: فوَ ربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون.. وقوله عليه الصلاة والسلام: كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عنْ رعيته.
ماذا لو عاد فينا حذيفة رضي الله عنه ورأى منا ما رأى من محدثات الأمور التي أحدثناها, ابتداءً من هجرنا لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم, وانتهاءً بهجرنا لبيوت الله تبارك وتعالى التي لم نعد ندخلها الا ونحن محمولون على الأكتاف أو في المناسبات النادرة كصلاة الجمعة والعيدين؟ ومرورا بكلّ مخالفات الشرع من استحلالنا للكسب الحرامٍ , وتجارتنا بكلّ ما حرّم الله تعالى علينا, واطلاق الحريات لأبناءنا وبناتنا فلم نعد نأبه ان كانوا يصلون أم يرتدون الحجاب من عدمه, وعدم مبالاتنا بأبناءنا وبناتنا بأيّ لسانٍ يتكلمون أأعجميٌّ أم عربيّ؟ لم نعد نأبه لرعيتنا ان كانوا يحسنون قراءة القرآن الكريم أم لا, فضاع الرعاة ومعهم رعيتهم : ومن لم يربيه دينه ومعه والديه فالشيطان كفيلٌ بتربيته
لأجل كل ما سبق ولأكثر مما سبق فقد وجد ابليس مناخاُ مناسباً له ولأعوانه كي يتلبّس ابن آدم في كل شئون حياته, حتى غدت الصلاة عند ىبن آدم عادةً لا عبادة
جاء في تفسير ابن كثير رحمه الله لقوله تعالى: الا ابليس كان من الجن: أي خانه أصلُهُ, فانه خلق من مارجٍ من نار, وأصل خلق الملائكة من نور, كما ثبت في صحيح الامام مسلم رحمه الله أنذ النبي صلى الله عليه وسلم قال: خُلقت الملائكة من نورٍ , وخُلق ابليسٌ من مارجٍ من نار, وخُلق آدمُ ممّا وُصِفَ لكم (أي من تراب) , كما في حديث آخر: كلكم لآدم, وآدم من تراب.
وكما قال الحسن البصري رحمه الله: ما كان ابليس من الملائكة طرفة عين قط, وانه لأصل الجن, كما أنّ آدم عليه الصلاة والسلام أصل البشر.
روى الامام مسلم رحمه الله في صحيحه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى:
اني خلقت عبادي حُنفاء , فاجتالتهُمُ الشياطين, وحرّمت عليهم ما أحللْتُ لهم, وأمرَتْهُمْ أن يُشركوا بي ما لم أُنَزِّلُ به سُلطاناً
وحول هذا الحديث القدسي الجليل سيدور بحثتا هذا ان شاء الله تعالى
وهو بحثٌ طويلٌ الى حدٍّ ما, ويناقش معظم الضلالات التي يكيدها الشيطان لأعوانه والتي فيها يُوقعهم في حبائلها وحبائله, فيتناول الفرق الضالة والمضلة مفرقا بين السنة والبدعة
وسنتحدث من خلاله ان شا الله عزوجل عن مكايد الشيطان ومصائده مُحذِّرينَ مِنْ فِتنهِ، ومُخوِّفين مِنْ مِحَنِهِ، كاشفاً عن مستور ابليس، وفاضحاً لهُ في حفى غروره.
إذاً فعداوة الشيطان للإنسان ليست محصورة في إغوائه وصرفه عن الصراط المستقيم ، مع أنها أغلى أمانيه , ولكنه الإيذاء بشتى أنواع الأذى النفسي والجسدي ، وخاصة إذا لم يتمكن من صرفه عن الحق .
وصرفه عن الحق يكون : إما بإيقاعه في الشرك والخروج من الملة والعياذ بالله, أو بإيقاعه في البدع أو الذنوب، فإن لم يستطع فبصده عن طاعة الله وإفساد العبادة عليه . إلى غير ذلك من الصور. أعاذنا الله من شياطين الجن والإنس بمنَّه وكرمه .
وقبل أن ندخل في بحثنا نودّ أن نذكر الأخوة والأخوات في الله أنّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق أو كما قال عليه الصلاة والسلام, وهذا يعني أنه يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياة الانسان على كافة المستويات التي فيها معصية أو منكر أو خطأ ولو كان من اللمم, ولكن ضعف ايمان الشخص يساعد السيطان على انجاح مهمته, لأجل ذلك علينا جميعا أن نبقي ألسنتنا رطبة بذكر الله تعالى على أي جنب كان عسى أن نكون من اولوا اللالباب الذين قال فيهم المولى تبارك وتعالى في خواتيم سورة آل عمران:
الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.